الاثنين، 16 أغسطس 2010

حضيض النقص


الطفيل (Parasite) : هو الكائن الحي الذي يعتمد في غذائه ومأواه على كائن حي آخر يعرف بالعائل ، وتضر الطفيليات عوائلها دون أن تنفعها. هناك بعض من الكائنات الحية شبيهة بالطفيليات من حيث اعتمادها على الآخرين في غذائهم الفكري وضرر من يعيش معها في نفس البيئة. جميل أن يتخذ الانسان قدوة حسنة يقتدي بها دون أن يكون هناك تعصب بطرح الأفكار والآراء, والمراء (الجدال) كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وان كان محقا" وقال أيضا "من ترك المراء ، وهو محق ، يبنى له بيت في ربض الجنة" وعن أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام" إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان".
رامبو النقاش ووحش القعدة لماذا الجدال؟! الجدال لأصحاب العقول المعلقة ببساطة شديدة هو المطارحة والمناطحة في الرأي للفوز بالنقاش واثبات أن الآخر على خطأ للانتصار عليه. هناك جدال من نوع آخر وهو أن تنتصر لرأي من تتخذه قدوة من البشر العاديين و أن تجعل من أفكاره روايات صحيحة أو قرآن منزل وهذا هو التعصب والجهل المركب وكلاهما موجود في مجتمعنا العظيم. ان من طبيعة الانسان عدم الاقتناع أثناء الجدال بل أنه ربما يصر على رأيه وان كان خاطئا لعدم التنازل خصوصا ان كان هناك مشاهدين ومتابعين للجدال.
كم من صداقات دمرتها الدخول في الجدال والمراء في تفاهات الأمور وصغائرها, وكانت عوائدها القطيعة والضغينة والعداوة. قال الامام الحسن عليه السلام "لا تمارين حليما ولا سفيها ، فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك" فالحليم يتركك بعد الجدال والسفيه يبحث عن شيئ آخر ليرد اعتباره وينتقم.
في نظري القاصر, أن ما من شخص يدخل في جدال الا ويهين نفسه دون أن يشعر وينتقص من فكره, فالامام علي عليه السلام قال "إياك والمراء ، فإنك تغري نفسك بالسفهاء". فهل من قلب سليم يتعظ بهذه الدرر من الروايات. ان اختيار القدوة يأتي من منطلق قوله تعالى"أفمن يهدي الى الحق أحق أن يتبع" فالعقل السليم يدافع عن الفكر السليم والفكر السليم محصور في قول الله تعالى ورسوله الكريم وعترته صلوات الله عليهم, وأي قول آخر يعرض على القرآن والسنة فما وافقه نأخذ به وما خالفه نضربه بعرض الحائط كما قال الأئمة الهادين عليهم السلام.
كيف نناقش ونجادل؟! قال تعالى "وجادلهم بالتي هي أحسن" فالجدال الحسن له ضوابط وقوانين, فيكون الجدال على أسس علمية وبمنهجية سليمة ولا يكون الدفاع عن النفس بل يكون الدفاع عن الحق من دون تحقير الطرف الآخر ولا يجب أن يكون الجدال بالصراخ والتعنت واللجاج.
خلاصة القول , ان النقاش والجدال الحاد لا يأتي بنتيجة ايجابية ويكون من وراءه خسائر فلا يمكنك أن تدخل بجدال حاد وأن تحتفظ بصديقك الذي تجادله فقلما يحدث ذلك وربما لن يحدث وكما قال المفكر ديل كارنيجي " أفضل طريقة لكسب الجدال هو أن تتجنبه" . رامبو النقاش والمجادل الدائم انما يفعل ذلك لاحساسة بحضيض النقص.
اللهم لا تجعلني من المجادلين بالسوء